حرية الاستثمار والتجارة بين ضوابط المبادئ الدستورية والمصالح الوطنية من جهة وسياسات تفعيل الاقتصاد وتحفيز الاستثمار من جهة أخرى

خالد خضر الخير

قسم القانون العام - كلية الحقوق والعلوم السياسية - الجامعة اللبنانية - بيروت - لبنان

الملخص

مما لا شك فيه أن مبدأ حرية الاستثمار والتجارة يحمل في طياته الكثير من الوعود المأمول تحقيقها لا سيما على المستوى الإقتصادي، مما يستدعي ترجمتها عملياً بتكريس مبدأ الحرية الاقتصادية في مختلف المجالات والميادين. هذا بالرغم من وجود إشكالية قانونية تتعلق بمدى تأثير المبادئ الدستورية في حال تكريسها في السياسة التشريعية للدولة في المجال الاقتصادي. لكن من الممكن لتجنب مثل هذه الإشكالية أن تعمد الى تحديد أهم المجالات وأكثرها حاجة التي يشملها النص الدستوري لا سيما في مجال الاستثمار مثلاً، أو التجارة، أو المؤسسات الاقتصادية، والمنافسة وحماية المستهلك، وتأسيساً على ذلك يجدر اعتبار النص الدستوري بمثابة المرجع والقاعدة التي يجب ان تتمثّل به باقي النصوص التشريعية والتنفيذية والتنظيمية على حد سواء في تأثيرها لمختلف المجالات السابق ذكرها آنفاً. وبالطبع سيكون ذلك على غرار باقي المبادئ العامة الدستورية الواردة في مقدمات الدساتير او في متنها وتحت عناوين مختلفة مثل الحقوق والحريات العامة. وهنا لا بد من الإشارة والتنبيه الى انه لا ينبغي ان نفهم حرية الاستثمار والتجارة على اطلاقها، فهنا يتوجب على المشرع الدستوري وضع اطاراً قانونياً لضبطها وبما يتلاءم والمصالح الوطنية، وذلك من خلال وضع معالم وضوابط لمختلف المفاهيم القانونية التي تدور في فلك وميادين النظام الإقتصادي، لنصل بذلك الى رسم الدور الذي يمكن أن يلعبه مبدأ حرية الاستثمار والتجارة. لماذا هذا الطرح؟ برأينا أن هناك تحديات كثيرة ومتنوعة تعيشها وتتأثر بها المجتمعات الانسانية بأوجه مختلفة إيجاباً وسلباً، مما يحتم إعادة النظر بهذا الموضوع لتشخيص المشاكل واستنباط الحلول وتصويب بوصلة وآليات الإستثمار فيما يتعلق بالموارد الطبيعية والبشرية والإمكانات المالية والصناعية والفنية. فعلى سبيل المثال لبنان مثلاً، الذي يواجه تحدّيات كبيرة في هذا الموضوع ، مع العلم وأن الدستور قد أباح الحرية الاقتصادية والإستثمار في مقدمته، وذلك في كل من الفقرة (و) و(ح) منه. كذلك من أهم الاصلاحات التي طرأت على الدستور اللبناني في وثيقة الوفاق الوطني "انشاء المجلس الإقتصادي والإجتماعي للتنمية، وينشأ لتحقيق ذلك مجلس اقتصادي اجتماعي تأميناً لمشاركة ممثلي مختلف القطاعات في صياغة السياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة". هذا ايضاً ما ورد في بعض دساتير الدول العربية أيضاً. من هنا وبالنظر الى ما تقدم، لا بد أن يعمل على تفعيل الحركة الإقتصادية وعلى ايجاد الوسائل الآيلة الى مواجهة الأزمات التي تعصف بالكثير من الدول وخاصة العربية عبر تأمين المناخات الاستثمارية الملائمة لتشجيع عالم الاستثمار على المستوى الداخلي، والخارجي بما لهذا الأخير من منافع بالغة الأهمية كتوفير فرص عمل جديدة، والمساهمة في نقل التكنولوجيا والمساعدة على تحسين وتطوير انتاجية القطاع الخاص وزيادة بنسبة النحو من ... بالإضافة الى المنافع التي تؤمنها الإستثمارات الاجنبية المباشرة. لذلك فمن الأهمية بمكان ان تبادر الدول الى مواجهة التحديات على هذا الصعيد وذلك يكون عبر اعادة النظر في النصوص الدستورية والتشريعية وفي القوانين الراعية لتحفيز وتشجيع الدخول في عالم الاستثمارات (مع التأكيد على) آليات تطويرها وتوحيد القوانين الاستثمارية الراعية لازالة العوائق من أمامها، ورسم حدود ودور للسياسات الإقتصادية والخطط التنموية للدولة مع التأكيد على وضع ضوابط قانونية وإقتصاديات بين القطاعين العام والخاص، وتشجيع الرقابة التشريعية والمالية على السياسات الحكومية في مجال تشجيع الإستثمار.

الكلمات الدالة

الاقتصاد، الاستثمار، الضوابط الدستورية، تحفيز الاستثمار، الاستثمار الأجنبي، الضمانات